التاريخ : 2020-08-28
الأمن الغذائي فى ظل الاحتراز الوبائي
د. حازم قشوع
اذا ما استمرت مناخات كورونا الاحترازية، وما يواكبها من تباطؤ في حركة النمو الاقتصادي والانتاج الزراعي فان العالم سيكون امام تحد غذائي سيظهر في العام القادم، هذا ما تشير اليه القراءات العلمية وهو ما بينه جلالة الملك عبدالله الثاني في اللقاء الثلاثي الذي جمعه والرئيس المصري ورئيس الوزراء العراقي، الامر الذي يشكل تحديا يضاف للتحدي الوبائي للمنطقة ومجتمعاتها، والذي بات بحاجة الى استدراك تشاركي بين مجتمعات المنطقة من اجل تامين سلة المنطقة الغذائية وتحقيق الكفاية الغذائية اللازمة للادامة المعيشية والحياتية.
من هنا تندرج اهمية هذا اللقاء الهام وهذه الرؤية الملكية الاستشرافية لضرورة الانتباه للامن الغذائي وتحدياته، وذلك بالعمل ضمن حالة تشاركية اقليمية تؤمن الغذاء اللازم لشعوب المنطقة على ان ياتي ذلك ضمن مشاريع استراتيحية تستفيد من مصب مياه النيل في دمياط، وتستثمر الاراضي الزراعية الاردنية بما يحقق متطلبات الامن الغذائي للمنطقة وشعوبها، وهو مشروع ريادي كبير قادر على اطلاق حالة تنموية في المسارات الزراعية وروافدها المتنوعة.
فان عدم قدرة البشرية على اكتشاف لقاح وقائي يقي الانسانية من انتشار وباء كورونا سيؤدي الى ضعف في الانتاج الزراعي، وعدم قدرة المجتمعات الزراعية على الايفاء باحتياجاتها المجتمعية وبالتالي تتضاءل قدرة هذه الدول على امكانية تصدير المستلزمات الغذائية الاساسية من قمح وارز وسكر، اضافة الى غيرها من الاحتياجات الضرورية للتغذية، وهذا ان حدث فان مآلاته ستكون كارثية على مستوى إدامة الحياة المعيشية.
واذا كان الامن الغذائي يعني تأمين احتياجات الفرد المعيشية فان مقتضيات تأمينها يتطلب العمل وفق ثلاثة مستويات تقوم في المستوى الاول على ايجاد برنامج زراعي ذاتي والمستوى الثاني يقوم على تأمين الاحتياجات الغذائية ضمن شراكات اقليمية، اما المستوى الثالث فانه ياتي من الاستثمار الزراعي في الدول العربية والصديقة، وضمن اتفاقيات تحقق الامن الغذائي المستهدف، وهي مستويات خططية بحاجة الى توظيف صحيح للرؤية الملكية لضمانة التنفيذ الاسلم.
على ان ياتي ذلك ضمن برنامج وطني شامل، وهذا ما يتطلب استجابة سريعة من قبل وزارة الزراعة تقوم على فتح حوار اولا مع الجميع من اجل وضع استراتيجية عمل ذاتية تنبثق منها خطة عمل تبدا بالاستجابة الفورية وتقوم على اشراك الجميع في العمل في الموسم الزراعي القادم، ولعل خير ما يمكن الاستفادة منه في هذه الاستراتيجية الجيش لانجاز البيئة الصحية، والطلبة للاغراض الزراعية، على ان ياتي ذلك ضمن ارضية عمل علمية تستند للمخططات الشمولية تشارك الجامعات فيها من خلال كليات الزراعة من اجل ايجاد الارضية الملائمة والتقنيات اللازمة للعمل وتنظيم كيفية متابعة الاجراءات اللازمة لتطوير الوسائل الضرورية لتحقيق الاهدافه المبتغاة في الزمن المحدد والكمية المتوقعة.
اما في مجال الشراكة الاقليمية فان وزارة التخطيط مطالبة لايجاد قنوات تسمح بتعزيز مستويات الشراكة الاقليمية وايجاد مساحات استثمارية في الدول العربية والصديقة تقوم على تأمين المستلزمات الضرورية للادامة المعيشية والحياتية للمواطن الاردني، فان الرؤية الملكية بحاجة الى خطة استدراكية زراعية وغذائية سريعة تساعد على تأمين الاحتياجات الضرورية، هذا اضافة الى تأمين المخزون الغذائي الاستراتيجي للدولة الاردنية بشكل اكبر من السابق وهذا ما يتطلبه عمل وزارة التجارة والصناعة في تأمين المخزون الغذائي يمتد الى مدة سنة على الاقل.
وفي المجال المتمم فان العمل على ايجاد الارضية الملائمة والحوافز الاستثمارية اللازمة للحواضن الزراعية للثروة الحيوانية يعد من العوامل الضرورية التي ستسمح في نهاية الامر لاطلاق البرنامج الزراعي والثروة الحيوانية وفي ايجاد المرتكزات الرافدة لشمولية الامن الغذائي ومرتكزاته الرئيسة، وهو ما يجسد الرؤية الملكية حيز الواقع ويحقق درجة الاستهداف المطلوبة.
(الدستور)